الزيارات الميدانية للحكومة

الدكتور عثمان الطاهات

شهدت الساحة السياسية والإعلامية في الأردن خلال الفترة الأخيرة تغييرات ملحوظة في أسلوب عمل الحكومة، خاصة على صعيد التفاعل المباشر مع المحافظات والملفات المعيشية للمواطنين فقبل فترة ليست ببعيدة، كانت الزيارات الميدانية لمسؤولين حكوميين إلى المحافظات نادرة، وغالبًا ما كانت تتم بشكل غير منتظم، ما أدى إلى ضعف التواصل بين القيادة التنفيذية والمواطنين في المناطق البعيدة عن العاصمة عمان.
أما اليوم، فقد تغير هذا النهج تمامًا، حيث يقود رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان حركة ميدانية مدروسة تهدف إلى الاطلاع المباشر على واقع حياة المواطنين وقياس مستوى الخدمات المقدمة إليهم، والعمل على تحسينها بشكل مستمر.
دأب رئيس الوزراء على تنظيم زيارات ميدانية منتظمة إلى المحافظات، تركز على الاطلاع عن قرب على قضايا التعليم، والصحة، والنقل، والمياه، والبنى التحتية، وغيرها من المجالات الحيوية التي تؤثر مباشرة على حياة الناس ويتعتقد الكثيرون أن هذه الزيارات ليست مجرد جولات بروتوكولية، بل تتم بتخطيط دقيق، يهدف إلى فهم التحديات التي تواجه المناطق المختلفة، وتوجيه السياسات الحكومية بما يتناسب مع الاحتياجات الواقعية للمواطنين.
ومن خلال هذه الزيارات الميدانية، يكلف الوزراء بحسب اختصاصاتهم بمتابعة القضايا التي تهم المحافظات والمناطق النائية في المملكة، وكل مسؤول مسؤول عن ملف معين، لضمان أن تكون المكاسب التنموية موزعة بشكل عادل، وأن يشعر المواطنون أن الحكومة تعمل من أجل تحسين ظروفهم بشكل ملموس.
وفي ظل هذا النهج الجديد، بدأ الصحفيون يلاحقون بشكل شبه يومي أخبارًا عن زيارات لوزراء ومسؤولين حكوميين إلى المحافظات، ونكتب تقارير وتغطيات عن نتائج هذه الزيارات، ما يعكس ارتفاع مستوى الشفافية والتفاعل مع الواقع المعيشي اليومي للمواطنين ومن الملفت أن بعض الحكومات السابقة، رغم توليها السلطة التنفيذية لفترات طويلة، كانت تكاد تكون غائبة عن المشهد الميداني، إذ لم نكن نكتب عن زيارات مسؤولين إلى المحافظات إلا بشكل نادر، غالبًا مرة كل ستة أشهر أو أكثر.
هذا التوجه الجديد من قبل الحكومة يُنظر إليه على أنه خطوة مهمة نحو تحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة وتوزيع فوائد النمو الاقتصادي بشكل أوسع على كافة المناطق فالكثير من المراقبين والمتابعين يتوقعون أن هذه الزيارات الميدانية والعمل الميداني المستمر سيساهم بشكل كبير في تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، من خلال فهم أعمق لمشاكلهم، وتوجيه السياسات الحكومية بشكل يتوافق مع تطلعاتهم.
ويمكن القول إن هذا النهج الذي يتبناه رئيس الوزراء وفريقه يعكس رغبة حقيقية في إحداث تغيير نوعي في طريقة إدارة الشأن العام، ويعبر عن اهتمام جاد بتنمية المناطق وتقديم خدمات أفضل للمواطنين وهو خطوة مهمة نحو تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين بما ينسجم مع توجيهات جلالة الملك، وكتاب التكليف السامي، الذي أكد ضرورة العمل على تحسين جودة حياة المواطنين في جميع أنحاء المملكة.